المسلمون في لبنان ينعون إليكم سماحة العالم الرباني المحامي الشيخ محمد رشيد الميقاتي.

10/04/2020

بسم الله الرحمن الرحيم

" أيها الباكون:
إنّا على فِراق شَيخِنا الرشيد لَمَحزونون..
وعلى مِثله فَلتَبكِ البواكي.."

إلى الإخوة والأخوات، مُحبّي ومُحبّات سماحة العالم الرباني المجاهد المحامي الشيخ محمد رشيد الميقاتي رحمه الله،

بعد ثمانٍ وسبعين سنة من حياة قضاها في خدمة الإسلام وكرّسها لنُصرَة قضاياه، رافعاً فيها لواء الإصلاح،

وبعدما أفنى عُمرَه في التربية والتعليم والدعوة إلى الله لبناء الإنسان الصالح والمُصلِح، وتخريج الأجيال المؤمنة العَارفة بالله وصناعة العلماء الربّانيين،

وبعد عقود من الزَّمن شيَّد فيها المؤسسات النموذجية والصروح الراقية التي تُجسِّد مَعالم حضارة هذا الدين الحنيف،

وبعد أربع سنوات أمضاها لحظة بلحظة مع معاناته لمَرض عُضال ألمَّ به، كان فيها صابراً شكوراً،  مُصرّاً على مواصلة عَملِه بانتظام، وتَرؤس اجتماعاته الإدارية والدعوية دون استسلام، واعتلاء منابر الجمعة لتبليغ رسالة الإسلام،
 
وبقضاء الله تعالى وقدره،
تُوافيه بالأمس قبل غروب شمس النصف من شعبان المُعظَّم،  مَنيَّةٌ لا مَفرَّ منها،
لنُودِّعَه بحُرقَة ولَوعَة تَكتوينا،
وقلوبنا مَفجوعة تَعتصِرُها الغصَّات والمواجع،
حُزناً على فراق قبطان سَفينتِنا وقائد مَسيرتنا الذي كان بحق أباً للجميع دون استثناء، ورجلاً استثنائياً قلَّ نظيره في هذا الزمن الصعب.

في وداع شيخ الإصلاح المُجاهد،
ليس لنا إزاء هذه المٍحنَة العَصيبة وهذا الحَدث الجَلَل من تاريخ مؤسساتنا الزاهرة التي تكتسي اليوم ثوب حُزنها على فراق مؤسِّسها وبانيها،

إلا أن نُسَلِّم معكم كمؤمنين بأمر الله تعالى، لنقول في وداعِه ما يُرضي ربنا، فلهُ ما أعطى وله ما أَخَذ !!
وسبحان الذي قَهر عباده بالموت وكتبه على جميع خلقه، فلن يَسلَم منه أحد !!
إذ لا مفرَّ من مواجهة المصير إذا حان الأجل !!
ولطالما ردّد فقيدنا الغالي على مَسامعنا في مجالسه:
"كن دوماً مُستعداً للقاء الله، وهَيّئ الزّاد ليوم المَعاد".

بوفاته، خَسِرت مؤسسات الإصلاح وطرابلس ولبنان والعالم قُطباً من أقطاب العمل الإسلامي الفاعلين والمُنتجين، وافتقدَت عَلَماً من أعلامها المُخلِصين، الذين يَحرصون على الإخلاص لله في العمل أكثر من حِرصهم على العمل، حيث كانت حياته حافلة بالإنجازات المُشرِقة والبَصمات المُشرِّفة  والآثار الطيبة والخيِّرة التي تَشهدُ له وتَدلُّ عليه في كل مكان.

من هنا، فإننا نُجدّد العَهد أمام الله على السّير قُدماً في الطريق التي شَقّها لنا شيخنا الرشيد بمَشقة بالغة في أصعب الظروف وأحلكها، لِنحافظ معكم على الإرث المبارك والرسالة الإسلامية السامية التي عاش من أجلها، وبقي مُرابطاً عليها حتى آخر لحظة من حياته.

ألا فَلترقد أيها العالم الرباني المجاهد في مثواك الأخير، ولْتَستَرِح بعدما تَعبت في صولاتك وجولاتك، وكَدحت وصَبرت ناحتاً صخور الصعوبات الجسام التي واجهتها في حياتك بإرادة صلبة لا تَكَلّ وعزيمة إيمانية لا تلين،
وَلْتَنتظر الأجر العظيم والثواب الجزيل مِمَن وَهبتَ حياتك له، وتعلّق حُبّك به، فإنه لا يُضيع أجر من أحسن عملا.

جعلك الله في علّيين، وحَشرك مع سيد الأنبياء والمرسلين، وأنزلك منازل الشهداء والصالحين، وألهمنا الصبر والسلوان على فِراقك، واللوعة الكبيرة التي تَركتها من بَعدك !!

ألا على مِثلك يا شيخنا الغالي فلتبكِ البواكي..

إنا لله وإنا إليه راجعون




مُنحت جميعة الإصلاح الإسلامية صفة المنفعة العامة.
أسست عام 1397هـ -1977م
مُرخصة رسمياً من وزارة الداخلية اللبنانية
بموجب العلم..